للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبيل الله، لأن سبيل الله تعالى هي الحق والعقل، وهم يتبعون الظن ويخرصون، وربك أعلم بمن يضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين.

وإن من شركهم أن يذبحوا الذبائح باسم الأصنام فنهى الله تعالى المؤمنين عن أن يأكلوا مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، بل إنهم يأكلون ما ذكر اسم الله تعالى عليه، ولا يصح أن يوجد ما يمنعهم إلا من يكون في حال اضطرار، والله أعلم بالمعتدين، وعلى المؤمنين أن يذروا ظاهر الإثم وباطنه، وألا يأكلوا مما لم يذكر عليه اسم الله تعالى، ولا شك أن المشركين سيجادلون في تحريم هذا وإحلال غيره، وعلى المؤمنين ألا يطيعوهم، وإلا كانوا مشركين مثلهم، وإنه لا يتساوى الميت مع الحي، وكذلك لَا يتساوى الضال الذي هو كالميت مع المؤمن الذي يحيا حياة طيبة وله نور يمشي به في الظلمات، ولكن زين لهم سوء أعمالهم. وإنه ليس بغريب أن يناوئ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أكابر من قريش، فإن كل قرية يكون فيها أكابر مجرميها، يمكرون فيها ويسيطرون عليها، والعاقبة عليهم وما يشعرون، وهم يحسدون رسل الله تعالى فيطلبون أن يؤتوا مثل ما أوتي رسل الله، وذلك شرط لإيمانهم، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وسيصيبهم صغار بسبب إجرامهم وعذاب شديد بسبب كفرهم ومكرهم السيئ لخفض كلمة الله تعالى. ومن يرد الله تعالى الخير له يشرح صدره للإيمان، ومن يرد غير ذلك منه يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء من شدة ضيق صدره وتوالي أنفاسه، وبذلك يكون عليه الرجس وعلى الذين لَا يؤمنون، وهذا صراط الله تعالى مستقيما قد فصلنا الآيات وبينَّاها لقوم يذكرون.

ولقد بين سبحانه وتعالى اختصاص المؤمنين، فذكر أن لهم دار الأمن والاطمئنان والسلام عند ربهم الذي خلقهم وهو وليهم، وذلك جزاء عملهم، وإن الله تعالى يوم يجمعهم جميعا يناديهم يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس، وأولياؤهم من الإنس يقولون قد استمتع بعضنا ببعض، وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا، فذكر سبحانه أن النار هي المثوى الذي ينتهون إليه، وكذلك يمكن بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>