للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شهداء يشهدون أنه حرم ما حرموه على أنفسهم، فإن شهدوا فلا تشهد معهم، ولا تتبع أهواء الذين كانوا بأدلة الله يكذبون، ولا يؤمنون بالآخرة، وهم بربهم يعدلون، ويجعلون معه شركاء.

وبعد أن ذكر سبحانه ما حرموه على أنفسهم، وبطلان ادعائهم أمر رسولِه أن يبين لهم ما حرمِ عليهم وهم فيه واقعون وهو (. . . أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢).

وقد بين سبحانه بعد ذلك أن هذا هو صراطه المستقيم، عليهم أن يتبعوه، ولا يتبعوا السبل، فتفرق بهم عن سبيله، فغيرها مثارات الشيطان، وطرائقه، وتلك وصيته رجاء أن تتقوه فاتبعوها؛ ويبين سبحانه أن هذه المحرمات جاءت في شريعته - صلى الله عليه وسلم - وفي كتابه، وقد سجلت في القرآن، فكانت شرعا لله، فاتبعوها واتقوا الله لعلكم ترحمون، ولا تعرضوا عنها بأن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين هم اليهود والنصارى من قبلنا ونحن غافلون عن دراستهم، أو تعرضوا قائلين لو أنزل علينا الكتاب لكئا أهدى منهم فها هو ذا أنزل عليكم من ربكم فيه بينة وهدى ورحمة، وإنكم من بعد تظلمون بتكذيبكم بآيات الإعجاز فيه، وتصدفون عنها، وجزاؤكم على ذلك الظلم سوء العذاب.

هذه حجج قاطعة فإذا كنتم تعرضون عنها، فهل تنتظرون أن تأتيكم الملائكة أو يأتي ربك، أو يأتي بعض آيات ربك القاصمة لظهوركم، (يَوْمَ يَأتِي بَعْضُ آيَاتِ) وهو يوم القيامة (. . . لَا يَنفَع نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>