للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ).

هذا النص فيه المعجزة التي تدل على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو يشتمل على شهادة الله القولية بأنه واحد أحد ليس بوالد ولا ولد، وأنه القادر على كل شيء وأنه القاهر فوق عباده، وهو أمر حسي يتلى عليهم ليلا نهارا، ويقرأ عليهم جهارا، وكان معجزا ببلاغته، وما فيه من علم، وما فيه من قصص صادق، وما فيه من شرائع منظمة للعلاقات بين الناس في أسرهم ومعاملاتهم، واجتماعهم، وعلاقات الإنسانية بعضها ببعض، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - في إثبات أنه المعجزة التي تحدى بها الناس أن يأتوا بمثلها فعجزوا عجزا مبينا: " ما من نبي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحي به إليَّ، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " (١).

ولماذا كانت معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم - قرآنا يتلى، وتولى سبحانه حفظه من التحريف والتبديل إلى يوم القيامة كما قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

والجواب عن ذلك أن معجزات الأنبياء السابقين كانت تقع ولا يعلم بها على اليقين إلا الذين عاينوها وشاهدوها، والذين من بعدهم لَا يعلمونها إلا بالخبر الذي لَا شك فيه. أما شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنها باقية خالدة إلى يوم الدين فلا بد أن تكون معجزاتها قائمة حاملة معنى الإعجاز والتحدي ما دامت الشريعة قائمة خالدة، فلا بد أن يكون القرآن الكريم حجتها خالدا بخلودها.

والنص القرآني الذي نتكلم فيه اشتمل على أمور ثلاثة:

أولها - بيان أنه المعجزة المثبتة لصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكر ذلك بالإشارة، إذ قال: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ) وقد ثبت بالتحدي عجزهم عن أن يأتوا بمثله.


(١) متفق عليه، وقد سبق تخريجه من رواية البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>