للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مردوا على الجحود والإنكار، وقال فيهم: (وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا) والآية الدليل المعجز على رسالة الرسول، فالآية كما يقول العلماء لعموم النفي، أي أنهم لا يؤمنون بأي رسالة يرونها مهما تكن قوتها ظاهرة، ومهما تكن دلالتها قاهرة؛ لأن العناد والجحود يقهر كل حجة ويمنع سلطانها على القلب؛ إذا ختم عليه، حتى لَا ينفذ النور إليه، فإذا كفروا بالقرآن فذلك شأن الذين طبع الله على قلوبهم، وجعل في آذانهم وقرا، وعلى قلوبهم أكنة، وعلى أبصارهم غشاوة؛ ولذلك قالوا في معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جادلوا كما حكى الله تعالى عنهم: (حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَروا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ)، ويلاحظ هنا أن الله تعالى يقول: (إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ) فيه إشارة إلى أنهم كانوا بعداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل ثم جاءوه، ولم يكن مجيئهم إذعانا لحق، ولا طلبا لحقيقة، ولكن كان تحديا للرسول ومبالغة في الإنكار، واستهانة بالقرآن الحكيم وهو الآية الكبرى؛ ولذا قال الذين كفروا: إن هذا إلا أساطير، والأساطير جمع أسطارة أو أسطورة، والمعنى ما هذا إلا أخبار الأقدمين. وهنا إشارتان: أولاهما - أنهم ما جاءوا يطلبون الحق، ولكن جاءوا يجادلون، تقال للتسلية. ومنها ما يكون غير صادق، والجدل في أكثر أحواله تمويه، وليس طلب حق. والثانية - أن الذين كفروا يقولون ما هي إلا أساطير الأولين بسبب كفرهم فكفرهم سابق لرفضهم المعجزة.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>