للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أأقعدُ بعد مارجفتْ عظامي ... وكان الموتُ أقربُ ما يَلِينِي

أُجادلُ كل مُعترِضٍ خَصِيم ... وأجعل دِينَه غَرَضًا لِدِينِي

فأتركُ ما علمتُ لرأي غيرِى ... وليس الرأيُ كالعلم اليقينِ

وما أنا والخصومةُ وهْى شيء ... يُصرَّفُ فِى الشَّمال وفِى اليَمِينِ

وقد سُنَّت لنا سُنَن قِوام ... يَلُحْنَ بكلِّ فَجِّّ أَو وَجِين (١)

وكان الحقُّ ليس به خفاء ... أَغَرَّ كَغُرَّةِ القَلَقِ المبينِ

وما عوِضٌ لنا مِنهاجُ جَهْمٍ ... بمنهاج ابنِ آمنةَ الأمينِ

فأمَّا ما علمتُ فقدكَفَانِي ... وأمَّا ما جهلتُ فجنبونِي

قوله تعالى: (مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) أي العذاب؛ فإنهم كانوا لفرط تكذيبهم يستعجلون نزوله استهزاء نحو قولهم: (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا. . .)، ( ... اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء. . .)، وقيل: ما عندي من الآيات التي تقترحونها. (إِنِ الْحُكمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ما الحكم إلا لله في تأخير العذاب وتعجيله.

وقيل: الحكم الفاصل بين الحق والباطل لله. (يَقصُّ الْحَقَّ) أي يقص القصص الحق؛ وبه استدل من منع المجاز في القرآن، وهي قراءة نافع وابن كثيرٍ وعاصم ومجاهد والأعرج وابن عباس؛ قال ابن عباس: قال الله عز وجل: (نحْن نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ. . .). والباقون (يقْضِي الحقَّ) بالضاد المعجمة، وكذلك قرأ علي - رضي الله عنه - وأبو عبد الرحمن السُّلَمِي وسعيد بن المسيِّب، وهو مكتوب في المصحف بغير ياء (٢)، ولا ينبغي الوقف عليه، وهو من القضاء؛ ودل على ذلك أن بعده (وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) والفصل لَا يكون إلا


(١) الوجين: شط الوادي.
(٢) قال الفخر الرازي " يقض " بغير ياء لأنها سقطت لالتقاء الساكنين، كما كتبوا (سندع الزبانية) (فما تغن النذر).

<<  <  ج: ص:  >  >>