للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقل والإدراك، ويلهون لأنه عبث يحبثون به، ولا غاية له عند أهل الفكر والمنطق، ولا على أن يفسر الدين بما هم عليه من عبادة الأوثان.

ويرد على ذلك التفسير أن هذا ليس جديرا بأن يسمى دينا، ولو كان مضافا إليهم.

ورأى بعض المفسرين أن المراد من دينهم الإسلام؛ لأنه الدين الذي جاء إليهم، وهم مخاطبون به، ومكلفون أن يتبعوه، فهو دينهم الذي جاء به رسول منهم، وهو الذي ارتضاه لهم أن يكون دينا، وقد اتخذوا ذلك الدين لعبا ولهوا، إذ لم يفهموا ما هم عليه، ومعنى اتخاذه لعبا ولهوا أنهم سخروا بمن اتبعه، وتهكموا على أهله، وأخذوا يخوضون فيه لعبا في مجالسهم، ولهوا عن الحق، يزكي ذلك قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ. . .). وقال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (١٤٠).

وإن هذا اللعب وذلك اللهو وتعابثهم بالمؤمنين سببه هو غرورهم بالحياة الدنيا، وفهمهم لها أنها غاية الوجود ونهايته، ولذلك قال تعالى عاطفا على قوله تعالى: (اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا). أي خدعتهم هذه الحياة، وما اتخذوه فيها من مباهج غير ملتفتين للحياة الآخرة، ولا مؤمنين بها، ولا بالبعث والنشور، (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ للَّذينَ يَتَّقُونَ).

خدعوا بالحياة الدنيا، فكان منهم ما كان من العبث بالحقائق الدينية والسخرية بأهلها، ولذا أمر الله تعالى نبيه - وإن ذلك فيه معنى التهديد لهم - بأن يتركهم في غيهم حتى يفاجئوا بمآلهم، ولكن مع ذلك أمر الله تعالى نبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>