للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالله تعالى وللتصريح بالأنبياء الذين لم ينزل عليهم كتاب، ولبيان مكان العلم الذي أوتوه واتبعوه، وأنه عن الله العلي الحكيم، وليرتب الحكم على الكفر بها إذ كان من العرب من كفر بالنبوة، وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء.

ولذلك قال تعالى: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ).

الإشارة إلى هؤلاء الذين أنكروا النبوة، وكان من المشركين من قريش وغيرهم من كانوا يجابهون النبي - صلى الله عليه وسلم - بإنكار أصل النبوات، وأن تكون مع النبي رسالة في قرطاس من الله سبحانه وتعالى أو يكون معه ملك، كما سيذكر الله تعالى من بعد ذلك، (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ. . .)، وسيجيء الكلام في هذه الآية قريبا إن شاء الله تعالى.

كان المشركون ينكرون أصل النبوة، فالإشارة في قوله تعالى: (فَإِن يَكْفرْ بِهَا هَؤُلَاءِ) هو الإشارة إلى قوم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين أنكروا نبوته، وحاربوا رسالته، وآذوه هو والمستضعفين من المؤمنين، وصابرهم حتى كانت الهجرة وهذه السورة مكية، فتعينت الإشارة إلى من ناوءوا الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله تعالى: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ) شرط جوابه: (فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ) ومعنى وكلنا، عهدنا إلى قوم من بعد كفركم يحفظونها، ويصونونها، وينقلونها للأخلاف من بعدهم جيلا بعد جيل، فيقال: وكلت فلانا بهذا الأمر أي عهدت به إليه يقوم عليه، ويحافظ.

وهؤلاء الأقوام الذين وكل الله بهم أمر النبوة المحمدية، ليسوا كافرين بها، بل يؤمنون ويصدقون، وقدم الجار والمجرور وهو (بها) على (كافرين)، للاهتمام، والتنبيه.

وإن هذا النص، فيه تبشير للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين بأن عهد الظلم والإيذاء سيأتي بعده عهد النصرة والقوة، وفيه تبشير للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأن هذا سينتشر

<<  <  ج: ص:  >  >>