للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن القرآن يؤمن به من يدرك حقيقة الدين، وحقيقة الدين أن يعلم الإنسان أنه لم يخلق عبثا، وأن الحياة الآخرة هي الحياة الباقية، وأن الدنيا سبيل لها، وأن نعيمها هو الباقي.

ولذا أخبر تعالى أن الذين يؤمنون بالآخرة هم الذين يؤمنون بالقرآن فقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنونَ بِهِ) ذلك أن الذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بالحق والخير؛ لأنهم يرون أن الحياة الدنيا فيها التنازع بين الخير والشر، بين النفس اللوامة، والنفس الأمارة، ولا بد أن ينتصر الخير، لأنه الفطرة، ولا يكون ذلك إلا بحياة أخرى، ولأن الذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بحكمة الإيجاد والتكوين، ولا يمكن أن تكون نتيجة الحياة النهائية هي تلك المغالبة وذلك التناحر، وفوق ذلك أن الإيمان بالغيب يجعل النفس مستسلمة لله تعالى راضية بما عنده، وما أعده لها من نعيم، فلهذا كان الإيمان بالآخرة والإيمان بالقرآن العظيم متلازمين لَا ينفصلان، فمن آمن بالآخرة آمن بالقرآن، ومن آمن بالقرآن آمن بالبعث والنشور والقيامة واليوم الآخر.

وإن كمال وصف المؤمنين بالقرآن أن يكونوا صالحين غير مفسدين، وألا يعملوا إلا معروفا، ولا يقع منهم منكر، وذلك بالصلاة التي هي عمود الدين لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتملأ النفس بذكر الله، وبذكر الله تطمئن القلوب، ولذا قال تعالى: (وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) وتقديم الجار والمجرور لبيان أن اختصاص الصلاة بالمحافظة يؤدي إلى كل الخير، والمحافظة عليها بإقامتها مستوفية الأركان حسا ومعنى، وامتلاء النفس بخشية الله تعالى، وأدائها في أوقاتها فإنه بهذا يكمل الدين، ويتم الإيمان.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>