للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وختم الله تعالى الآية التي موضوعها في التكوين بالتوليد، بقوله تعالى (ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تؤْفَكُونَ) الإشارة إلى ما ذكره سبحانه من فلق الحب والنوى، وتوليد الحياة منهما، وإن كانت مطوية فيهما، وكانت الإشارة للبعيد لعلو المنزلة السامية لذات الله ذي الجلال والإكرام.

وكانت الإشارة بخطاب الجمع إذ قال: (ذَلِكُمُ) وذلك لأن ثمة خطابا للناس الذين أشركوا بالله تعالى، والفاء في قوله تعالى: (ذَلِكمُ) لترتيب ما قبلها على ما بعدها، فهي لتعريف الذات العلية بأنها التي فلقت الحب والنوى، وأنها تحيي الموتى، فترتب على ذلك استنكار موقف المشركين، وتعريف الذات العلية، وقال تعالى: (فَأنَّى تُؤْفَكُونَ) فالفاء للإفصاح عن شرط مقدر مطوي في إذا كانت الذات العلية هي التي خلقت، وتحيي وتميت، فكيف تؤفكون، أي تصرفون عن عبادته وحده سبحانه وتعالى إلى الشرك: وتؤفك، وتأفك وأفك بمعنى صرف، وأحسب إنها صرف فيه إفك وكذب على الله، فالمعنى كيف تصرفون كاذبين على الله تعالى، مفترين عليه بعبادة غيره، سبحانه وتعالى عما تشركون.

وإن الله تعالى خلق الأرض وأحياها بالنبات والشجر وغذاها بالماء، وقد أظلها بالسماء، وإذا كان قد فلق الحب، فأخرج منه النبات، والنوى فأخرج منه الثمر، فقد فلق السحاب، فانشق؛ ولذا قال تعالى:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>