للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال تعالى: (مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِه).

المشتبه والمتشابه بمعنى متقارب كمستوٍ ومتساو، وهنا في تفسير مشتبه وغير متشابه اتجاهان في الفهم:

أحدهما - أن ثمار الزيتون قد يكون متشابها في الحجم والطعم، وقد يكون غير متشابه، وذلك دليل على أن الأمر باختيار الله تعالى جعل هذا متغيرا فقد يخلق التمر متشابها في حجمه وطعمه، وقد يخرج غير متشابه في ذلك؛ وكلٌّ بإرادة الله تعالى.

واتجاه آخر - وهو أن تتشابه الثمرتان في أنهما من شجرة واحدة، ولكن لا تتشابهان في الطعم أو اللون والرائحة كما ترى في ثمر الرمان، فقد تكون رمانتان من شجرة واحدة، ولكنهما مختلفتان في الحجم، وطعم الثمر ولونه، ويقول بعض العلماء: إن شجر الزيتون والرمان تتشابه فيهما الأوراق، ويختلف ما ينتجانه والحق أن الوجهين الأولين يمكن الجمع بينهما بأن يكون التشابه في العدد والحجم، وألا يكون تشابه قط، وقد قال تعالى: (نظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ).

" الينع " النضج، والمعنى انظروا نظرة اعتبار واستبصار إذا أثمر كيف يبتدئ الثمر خيوطا رفيعة، ثم تغلظ شيئا فشيئا نامية متدرجة في نموه، حتى تصل إلى حال النضج، فإنه يكون متغير الأحوال كما يبتدئ الجنين نطفة، ثم علقة ثم مضغة حتى يصير خلقا سويا، كذلك انظر إلى الثمر، كيف يسير في نموه حتى يصير ناضجا طيبا.

ثم قال تعالى: (إِنَّ فِى ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ).

الإشارة إلى ما تقدم من إنزال الماء من السماء، وإخراج نبات كل شيء منه، والنخيل وطلعه من قنوانه، وتدرجه من حال إلى حال، والأعناب والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه، الإشارة إلى هذا كله وما فيه من عجائب أن فيه آيات بينات على قدرة الله تعالى في تكوين الأثمار وتوالدها، وإذا كان الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>