(يُشْعِرُكُمْ) أي يدريكم ويعلمكم علما يكون كالشعور الحسي (أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنونَ)، وقرئت بفتح همزة (أن)، ويكون المعنى ما يدريكم أنها إذا جاءت الآية كما يطلبون لَا يؤمنون، ويكون هذا إيذانا بأنهم لَا يؤمنون، ولو جاءتهم هذه الآيات التي يطلبونها، لأنهم جاحدون ابتدءوه وهم يصرون عليه فهم لا يؤمنون؛ لأن الجحود غلب عليهم فغلبت عليهم شقوتهِم، وكما قال تعالى:(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧).
لقد سبق إليهم الجحود فاستقر في قلوبهم، فلا يرجى إيمانهم، وهم فوق ذلك بسبب جحودهم، ومسارعتهم إليه في قلق فكري ونفسي دائم، يغيرون تفكيرهم حيثما كان موجب له، ولكنه تغيير في دائرة الجحود.
وقرىء بكسر (إن)(١) ويكون المعنى: وما يشعركم، أي وما يدريكم، ويكون على معنى الاستفهام، وما يدريكم أنهم صادقون في عزمهم، وأنهم مريدون تحقيق أيمانهم الذين جهدوا فيها، ثم قرر سبحانه أنهم لَا يؤمنون فقال تعالت كلماته:(إنها إذا جاءت لَا يؤمنون) إنهم ليس لهم عزم صادق، ولذا قال تعالى:
* * *
(١) (إنها إذا جاءت) بكسر الهمزة، قراءة ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وخلف، وأبو بكر غير يحيى، وأبو زيد غير الفضل، والسراج عن حماد، ونصير وقتيبة غير النهاوندي. غاية الاختصار.