للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البيت، فكان الأمين أول من دخل البيت، فقالوا مطمئنين راضين هذا الأمين، وطابت نفوسهم بحكمه.

فالله تعالى العليم الحكيم، قد وضع رسالته في خيرهم بإقرارهم فكيف يمارون من بعد ذلك، ويقول قائلهم كبرا وعلوا في الأرض: أنا أولى، ويقول آخر: نريد أن نؤتى مثل ما أوتي الرسل، قالوا ذلك استكبارا فكان عقابهم صغارا، وعذابا أليما، ولذا قال تعالى:

(سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ).

الصَّغار: هو الضيم والذل والهوان، فقد كانوا الأكابر الذين أجرموا، فكان العقاب الهوان، وكان عقاب الإجرام الذي ارتكبوه واستمرءوه وداوموا عليه العذاب الشديد.

وقوله تعالى: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) فيه (السين) لتأكيد الوقوع في المستقبل القريب، والتعبير بالموصول فيه فائدتان بيانيتان، أولاهما - أنها تفيد أن الصلة هي سبب هذا العذاب الشديد، والثانية - تسجيل الإجرام عليه، وأنهم كانوا فيما يمكرون مجرمين، ولم يكونوا أشرافا كراما، كما هو شأن الأكابر الذين يستعلون بانسابهم.

وقوله تعالى: (بِمَا كانُوا يَمْكُرُونَ) أي بسبب مكرهم السيئ، وهذا يفيد أن الكلام في موضوع الأكابر المجرمين الذين ذكروا في الآية السابقة؛ ولذا قالوا إن (الواو) في قوله تعالى: (وَإذَا جَاءَتْهُمْ آيَة) واو عاطفة على قوله تعالى: (وَكذَلِكَ جَعَلْنَا فِى كل قَرْيَة أَكابِر مُجْرِمِيهَا).

اللهم أبعدنا عن الإجرام وأسبابه، وعن الطغيان وبواعثه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>