للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالبعث، ولا في الجزاء بعده، (وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَولهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ).

وإن البعث يكون بعده الحشر والحساب، ثم العقاب أو الثواب، وقد ذكرهم الله تعالى بالبعث، بذكر ما يكون فيه مما وعد الله تعالى به، وأوعد، وقد ذكر آخر ما يكون فيه وهو العقاب على كفرهم، والثواب لغيرهم، فقال تعالى: (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ) (ما) هنا اسم موصول بمعنى الذي، وقد حذف الضمير من الصلة، والمعنى إن الذي توعدونه لآت، فأكد سبحانه وتعالى إثبات ذلك الذي أوعدوا به بـ (إنَّ)، وبالجملة الاسمية، وباللام، في قوله تعالت كلماته (لآتٍ) وكان الكلام بالبناء للمجهول، لمزيد التهديد بإبهام الوعيد، وعدم ذكره، ليذهب فيه العقل كل مذهب، وبعدم ذكر من أوْعد وهو معلوم، ليزدادوا خوفا، فيضعفوا عن المقاومة، ويؤمن من كتب الله تعالى الإيمان له، ويستمر في غيه من كتب الله العقاب له.

وإن الله تعالى قادر على كل شيء فهو قادر على إعادتهم، كما هو قادر على إنزال العقاب بهم؛ ولذا قال تعالى: (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ) نفَى الله تعالى قدرتهم على إعجاز الله تعالى عن الإعادة، فإنه قادر عليها كما قال تعالى: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ)، وكما قال تعالى: (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١).

ونفَى سبحانه وتعالى قدرتهم على الامتناع عن عقابه، فهو مالك يوم الدين، وهو المسيطر وحده (. . . لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَارِ).

وهنا في قوله تعالى: (وَمَا أَنتم بِمُعْجِزِينَ) إشارات بيانية:

<<  <  ج: ص:  >  >>