إطعامهم من يشاءون مبني على زعم باطل كاختيار الرجال على النساء، وكاختيار خدام الأوثان على غيرهم.
وقد ندد الله تعالى بهذا العمل في قوله تعالى:(قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرونَ).
وإنهم لضلالهم مع علمهم بأن الله تعالى خالق كل شيء وأنه ليس كمثله شيء ما يتخذونه حلالا من طعامهم لَا يذكرون اسم الله تعالى، فهم آثمون فيما يحرمون، وآثمون في تناول ما أحل الله تعالى، ولذا قال تعالى:
(وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ) كما حرموا على أنفسهم بعض الحرث والنسل؛ حرموا ركوب بعض الحيوان، ولا يذكرون اسم الله تعالى في الأنعام التي يأكلونها، فمن الأنعام التي حرموا ظهورها، أي لَا تركب مهما كانت الحاجة إلى ركوبها ولو كان هناك من يريد ركوبها يعني قد انقطع، ولا يستطيع: البحيرة والحام، فالبحيرة هي التي نتجت منها خمسة أبطن، وكان آخرها ذكرا، فإنها تبحر أي تشق أذنها، وأعفوا ظهرها من الركوب والحمل، وذاتها من الذبح، ولا ترد عن ماء، ولا تمنع من مرعى.
والحام هو الفحل من الإبل يضرب عشرا ونتج، فإذا بلغ ذلك قالوا هذا حام، أي حمى ظهره من الركوب، وقد بينا هذه في سورة المائدة في ربع (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما). عند تفسير قوله تعالى:(مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ).
يحرمون هذا بأوهام سيطرت على أفهامهم، ويقولون هذا من عند الله، وما هو من عند الله أن هذا افتراء افتروه فارتكبوا إثمين؛ إثم تحريم ما أحل الله من الأنعام أكلا وحملا، وإثم افترائهم على الله تعالى بإسناد التحريم إليه، فضلوا ضلالا بعيدا.