للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللحم، أو مخالطا له، والكبد والطحال، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روي عنه سماهما دما، كما روي أنه قال: " أحلت لنا ميتتان ودمان: الكبد والطحال، والسمك والجراد " (١)، والخنزير هو الدابة المعروفة، وهو محرم في الديانات الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلام، واستباحها اليهود والنصارى بعد تحريف دينهم عن موضعه، وبعد أن نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ.

وقد ذكر سبحانه وتعالى سبب التحريم فقال: (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) أي قذر، فهو قذر في ذاته، وهو قذر في غذائه فهو يتغذى من الأقذار، فيتغذى من العذرة، ولحمه رجس إذ إنه مقشش (٢) فيه ميكروبات. أخصها الدودة، ولاحظ كثيرون أنه حيث يكثر آكلوه يكثر مرض السرطان، ولو تنبه العلماء إليه وبحثوا لحمه لوجدوا بعد الحيرة الطويلة أن هذا الداء العضال تكمن جرثومته فيه؛ لأن الله تعالى قال: (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) وهو أصدق القائلين وإذا كان الخنزير فيه رجس حسي، ومن أجله حرم أكله، فان الله تعالى قد حرم ما فيه رجس معنوي، وقرنه به، وهو ما أهل لغير الله به، ولذا قدم كلمه (فسقًا) مقارنة لكلمة (رجس) لأنهما يلتقيان في المعنى؛ لأن هذا الخنزير رجس حسي، - وهذا الفسق رجس معنوي، فهما من باب واحد.

وقوله تعالى: (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) أي أنهم ذبحوه لَا باسم الله، بل باسم أوثانهم، وكانوا حريصين على ذلك كل الحرص؛ لأنهم قدموا غير الله في ذبحهم، فقصدهم التقرب لآلهتهم فيه.

وهنا يثار بحث، فإن الآية تدل على أن ما أهل لغير الله يكون حراما، وبمفهوم المخالفة ما لم يهل لغير الله به يكون حلالا، وعلى ذلك يكون ما لم يذكر عليه اسم الله تعالى، ولم يهل به لغير الله يكون حلالا، وقد قررنا أنه إن


(١) رواه أحمد: مسند المكثرين (٥٦٩٠)، وابن ماجه: الأطعمة - الكبد والطحال (٣٣١٤). عن عبد الله بن عمررضي الله عنهما.
(٢) قشَّش: أكل ما في المزابل. القاموس المحيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>