للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها سبيل إلا على رأسه شيطان يدعو إليه ثم تلا قوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) " (١).

ومعنى قوله تعالى (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) أن هذه السبل التي هي مثارات الشيطان فيها أمران يخرجان بهما عن سبيل الله.

أولهما - أنها آثام لَا استقامة فيها بل هي معوجات مضلة. وثانيها - أنها مع ما فيها من إثم تبعد عن الحق وتتفرق في باطلها، فهي لَا تلتقي مع الخط المستقيم، وتتفرق بعضها عن بعض.

جاء في سنن ابن ماجه بسنده عن العِرْباض بن سارية قال: " وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه موعظة موح فما تعهد إلينا، فقال: تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك من يعش منكم فسيرَى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي. عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة، وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشيا، وإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد " (٢).

اللهم إن اتباع السبل المتفرقة التي هي مثارات الشيطان، والتي على كل رأس منها شيطان هي التي فرقت أمتك وجعلت بأسها بينها شديدا، اللهم فاهدها إلى صراطك المستقيم.

وإن هذا الصراط هو جماع التوصيات، ولذا قال الله تعالى:

(ذَلِكُمْ وَصَّاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ويصح أن نعد هذه الوصية العاشرة، وتكون الوفاء بالكيل والميزان وصية واحدة، وهو أولى والإشارة إلى الصراط المستقيم


(١) رواه أحمد: مسند المكثرين - مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (٤١٣١)، والدارمي: المقدمة - في كراهية الرأي (٢٠٢).
(٢) رواه ابن ماجه: المقدمة - اتباع سنة الخلفاء الراشدين (٤٤)، وأحمد: مسند الشاميين (١٦٦٩٢) من حديث الْعِرباض بن سَاريَةَ رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>