للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به ربهم، وما فعلوه بعد ذلك من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يدخلون مدخلهم بالقياس أو الاتباع لهم فهم مثل ضلالهم.

والتشيع - هنا معناه الفرق التي يشايع كل واحدة منها زعيما يكون على الضلال فيتبعونه عن غير بينة وهداية.

ولقد حكم الله تعالى على هذه الشيع ببراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقال تعالى: (لَسْتَ مِنْهُمْ فِى شيءٍ) أي أنك بريء منهم، لأنك لست منهم في منازعهم ومفترقهم في شيء ومن الاتصال، فقوله تعالى: (فِى شَىْءٍ) تأكيد في نفي اتصاله بهم وتأكيد لمغايرته لهم في دعوته، ويترتب على ذلك أن تبعة هذا الافتراق لا تعود إليك؛ إنما أنت نذير، ولكل قوم هاد، ولذا قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّه ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).

بين سبحانه وتعالى في هذا النص السامي أن أمرهم في مصيرهم ونهاية أمرهم هو لله وحده، فهو الذي يتولاهم بالحساب، ومن بعده العذاب، و (إنما) هنا دالة على القصر، أي أن أمرهم إلى الله وحده، وفي ذلك من الترهيب بأمر الله تعالى ما فيه من إنذار بالهول الشديد والعذاب العتيد، ولذا قال تعالى: (ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كانُوا يَفْعَلُونَ) الإنباء والتنبئ معناه الخبر الشديد الخطير، ومعنى إنبائهم بما كانوا يفعلون إنباؤهم بما ينتظرهم من العقاب بما كانوا يقولون، فينالون من بعد ذلك جزاؤه، ويصح أن يكون الإنباء بإنزال العذاب فعلا، فيكون الإبناء بالفعل لا بالقول، ويكون معناه أنه عذبهم بفعلهم لأن فعلهم هو الذي اقتضى العقاب، فهو سببه وملازمه لَا يفترق جزاء بما كسبوا.

وفى التعبير بـ (ثم) إشارة إلى افتراق حالهم في دنياهم عن حالهم في أخراهم افتراقا بينا؛ لأن بينهم مسافة بعيدة اقتضت التعبير بما يدل على التراخي، والله أعلم -

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>