للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إحداهما - أن ينفق مبذرا فوق طاقته، بأن يكثر من الضيفان فوق طاقته فإن ذلك تبذير منهي عنه، وقد قال تعالى: (إِنَّ الْمبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ. . .).

والثانية - أن ينال من الطعام ما يثقل معدته وأمعاءه، وجسمه، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه النسائي والإمام أحمد: " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنٍ؛ حسب ابن آدم أُكلات يُقِمْن صُلبَه فإن كان لَا محالة، فثلث طعامٍ وثلث شراب وثلث لنفسه " (١).

وإن الإسراف في الطعام يختلف مقداره ونوعه باختلاف حال الطعام، وإن كان مريضا، فما يؤدي إلى زيادة مرضه إسراف، وإن كان قويا معافى فلا يتناول ما يؤدي إلى إتخامه، فإن زاد فقد أسرف، وقد قال تعالى في صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا).

وقد بغض الله تعالى الإسراف للناس ببيان أنه سبحانه لَا يحبه ولا يرضاه لعباده فقال تعالى: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) لأن الإسراف يؤدي إلى إضرار أبدانهم، وحرمان لغيرهم، وضياع لذوي الحاجة في الجماعة الإسلامية كما قال ابن عباس: ما من مسرف إلا ووراءه حق مضيع. وقد أكد - سبحانه وتعالى - بغضه للإسراف بنفي المحبة، ومحبة الله مطلب المؤمنين، ولقد كان من العرب من حرم زينة الله وأوجب العري عند الطواف فاستنكر الله تعالى فعلهم، وقال:

* * *


(١) رواه أحمد: مسند الشاميين - حديث المقداد بن معدي كرب (١٦٧٣٥)، والترمذي بلفظ مقارب: الزهد - ما جاء في كراهية كثرة الأكل (٢٣٨٠)، وابن ماجه: الأطعمة - الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع (٣٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>