للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفطرة، وهي تشمل كل المعاصي، وخصوصا كبائر الذنوب فتشمل كل الموبقات المفسدة للنفوس والجماعات، وبذلك كل ما يجيء من إثم وبغي يدخل في عمومها، ويكون ذكر الإثم والبغي، تخصيص بعد تعميم، فيكون العطف عليها من عطف الخاص على العام.

وقد نقول: إذا اجتمعنا خصص كل واحد بمعنى، فتخصص الفواحش بالمعاصي الصارخة التي تفسد النفس والمجتمع كالزنى، والخمر، والربا، وغير ذلك، وبعضهم خصصها بالزنى وما يتصل به من قذف للمحصنات وغير ذلك والفواحش على معناها العام والخاص يحرم ما ظهر منها وما بطن، وما يظهر منها وما يعلن، وجريمته جريمتان جريمة الفعل، وجريمة الإعلان، وما بطن ما استتر كاتخاذ الأخدان، ويشمل ما بطن فسق القلوب وذلك بالعزم على فعل هو شر في ذاته، ولكن يحول دون تنفيذه أمر فوق إرادته فهذا يكون معصية، ولا يدخل في ضمن حديث النفس الذي تجاوزه الله عن أمة محمد؛ لأنه حدث ونوى واعتزم التنفيذ ولكن حيل بينه وبينه بغير إرادته وعلى رغمه، وقد تكلمنا في ذلك فيما مضى والإثم ذنب لَا يتجاوز أذاه فاعله، فهو يبطئه عن فعل الخير، وآثامه على نفسه كشرب الخمر، وتناول الآفات التي تضر نفسه، ولا تتعدى إلى غيره، وإن كانت التفرقة بينهما في بعض المجتمعات عسيرة، والبغي هو المعصية التي تتعدى إلى غيره، ووصفه سبحانه بقوله: (وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) ولا يكون البغي إلا بغير الحق، وهو تنبيه إلى ما يتضمنه البغي فهو يتضمن إثم التعدي، وإثم أنه فعل غير الحق فهو تصريح بما هو قبيح في ذاته.

ومن البغي أكل أموال الناس بالباطل في الربا، والرشوة والسحت ومن البغي أكل مال اليتيم، ومن البغي النميمة والغيبة، وأشد البغي الحكم بغير ما أنزل الله، والحكم بين الناس بالباطل ومن أفحش البغي ظلم الحكام للرعية والغلظة عليها، وإرهاقها، وإيذاؤها في حرياتها، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم مَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق

<<  <  ج: ص:  >  >>