و " الفاء " في قوله تعالى: (فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ) تفصح عن شرط مقدر تقديره مثلا، فإذا كنتم قد ضللتم مثلنا، فما لكم علينا أي فضل يخفف لكم أو يزيد علينا.
ثم يسوق - سبحانه وتعالى - على لسان أولئك المتنابزين قولهم:(فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كنتُمْ تَكْسِبُونَ)" الفاء " لعطف ما بعدها على ما قبلها، وقوله تعالى:(فَذُوقُوا الْعَذَابَ)، أي ادخلوا في النار ذائقين لها محسين بآلامها، وعبر عن ذلك بالذوق، للإشارة إلى شدة آلامه، ومتاعبه.
وقوله تعالى:(بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)، أي بسبب ما كنتم تكسبون من ظلم وعبث وفساد، فهذا هو الأصل في سبب العقاب، وكل امرئٍ بما كسب رهين، لا فرق في دْلك بين ضال، ومضل، ما دام قد وقع كلانا في الضلال مختارا، ما دام له عقل يدرك وما دام قد أنذرته الرسل، وقامت بين يديه البينات، فإذا كان قد اتبع من قبله فعليه إثمه، وقد جاءه الهادي الرشيد، فلم يتبعه.
وقريب من هذه المراجعة بين التابعِ والمتبوع قوله تعالى في سورة أخرى: