للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى السماء ضارعا، والله تعالى لَا مكان له؛ لأنه منزه عنه والسماء لأنها علو يتجه الناس إليها، لأنهم يريدون العلو، ويبتغونه، وإن المشركين الذين يكذبون بآيات الله لَا يكون لهم رجاء؛ ولذا قال تعالى: (إِن الَّذِينَ كذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ).

يلاحظ أن الله تعالى قال: (كذبُوا بِآيَاتِنَا)، قد عدى التكذيب بالباء، وهو يتعدى بنفسه، فيقال: كذبت هذا القول وكذبت هذا القائل، وكذبت الآيات كذلك، ولكن هنا تعدت بالباء، كما في الآية السابقة، وذلك لتضمن التكذيب معنى الكفر، فالمعنى كذبوا رسلنا كافرين بآياتنا، واستكبروا عادلين أو متجاوزين عن اتباعها.

ذكر الله تعالى للكافرين بآيات الله تعالى جزاءين:

الجزاء الأول - أنه لَا تفتح لهم أبواب السماء، والمعنى في ذلك يحتمل أمورا يصح أن تراد كلها، الاحتمال الأول: أن المراد أن تغلق أبواب الرحمة في الآخرة، وعبر عن ذلك بأبواب السماء؛ لأن الرحمة تكون في كثير من الأحيان من السماء، فالشمس فيها، وهي مصدر النور والحرارة، والنجوم وبروجها، والقمر وضياؤه، ومنها المطر الذي يكون غيث ورحمة، وذكر أبواب السماء إشارة إلى أنهم سدوا على أنفسهم كل مصادر الرحمة والغفران؛ لأنهم سدوا كل سبل الخير على أنفسهم في الدنيا، فحق عليهم هذا في الآخرة. الاحتمال الثاني: أن يكون المراد أرواحهم، فأرواحهم لَا تفتح لها أبواب السماء، بل تغلق دونها؛ لأنها أرواح خبيثة نتنة يتقزز منها أهل السماء والأرض إذ تكون أعمالهم الخبيثة قد أفسدت فطرتها.

والاحتمال الثالث: أعمالهم، فلا تتفتح لها أبواب السماء؛ لأنها في بعثهم يجزون عليها، وإننا نرى أن تفتح أبواب السماء، لَا يكون لهم؛ لأنهم لَا يرحمون ولا يغفر لهم، وأرواحهم خبيثة وأعمالهم لَا ترفع إلى علو السماء بل تهبط إلى أوهاد الأرض، والمراد في كل الأحوال ألا تنالهم رحمة السماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>