للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوصف الثاني ما عبر عنه - سبحانه وتعالى: (وَعَمِلُوْا الصالِحَاتِ) أي كانت ثمرة إيمانهم واضحة في أنهم صاروا قوما صالحين والصلاح وصف يقتضي أن يكون نافعا، وصالحا في ذات نفسه، ليس في قلبه فساد، ولا يسيطر عليه هواه، وأن يقوم بالعمل الصالح من طاعة لله تعالى في أوامره ونواهيه، فلا يعصي الله تعالى، ولا يرتكب ما نهاه عنه، ولا يتخاذل عن القيام بما أمر به.

ولا تجد في آيات الذكر الحكيم ذكر جزاء المؤمنين إلا كان هذان الوصفان الإيمان والعمل الصالح مذكورين معا فإن العمل ثمرة الإيمان، وغصونه، والشجرة تتغذى من الغصون، كما تتغذى من الجذر، فالعمل يثبت الإيمان، ويغذيه ويقويه.

وقد ذكر - سبحانه وتعالى - الجزاء، وهو خبر الموصول، فقال: (أولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الإشارة إلى المتصفين بهاتين الصفتين، وهما صلة الموصول، وذكرهما دليل على أنهما سبب هذا الاستحقاق، وقد أكد الله تعالى استحقاق الذين آمنوا وعملوا الصالحات للجنة بقصرها عليهم، وذلك بتعريف الطرفين، وبضمير الفصل " هم " فهم أصحابها الملازمون لها، وأكدها لهم بخلودهم فيها، والله تعالى ذو المن والإكرام.

وقد ذكرت جملة معترضة بين متلازمين، وهما المبتدأ في قوله تعالى:

(وَالَّذِينَ آمَنُوا)، والخبر في قوله تعالى: (أولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ).

وكانت هذه الجملة التي توسطت بين هذين المتلازمين هي قوله تعالى: (لا نُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) والوسع هو مما يمكن عمله بيسر وسهولة، كما فسر بذلك معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه -، والمعنى لَا يكلف الله تعالى نفسا مؤمنة، واعترض بهذه الجملة السامية بعد كلمة " الصالحات "، لبيان أن القيام بالتكليفات الإسلامية سهل ميسر، وليس شاقا إلا على من عصى الله تعالى، فهو سهل في

<<  <  ج: ص:  >  >>