للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و " لولا " يقول النحويون عنها: إنها امتناع لوجود، ومعنى ذلك لولا هداية الله لامتنعت علينا، فهو يملك كل أمورنا هو الذي وفقنا وهدانا وأرسل إلينا الرسل ْهداة مرشدين إلى الحق؛ ولذا قالوا: (لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

النداء لم يذكر فيه المنادى أهو من وحي الله تعالى في نفوسهم أم من الملائكة الأطهار، والميراث هو العطاء من الله تعالى، قد جعل هنا خلفا للعمل الصالح، فهو ملكية ثابتة بالخلافة عن العمل الدائم الذي كان مستمرا في الدنيا، وهذا قوله تعالى: (بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، أي بالذي كنتم تعملونه مستمرين دائبين عليه ترجون رحمة الله وتخافون عذابه.

والتعبير بقوله تعالى: (أُورِثْتُمُوهَا) والميراث عطاء بغير عوض فيه إشارة إلى أن الله تعالى هو الذي جعل ذلك النعيم عطاء للعمل، فليس العمل وحده منتجا للعطاء، إنما هو يجعل النعيم ميراثا للعمل، والفضل في كل الأحوال لله تعالى صاحب المن والفضل، ولقد روى في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة قالوا: ولا أنت يا رسول الله؛ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " (١)، وقد روت عائشة أم المؤمنين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " سددوا وقاربوا وبشروا، فإنه لَا يدخل أحدا الجنة عمله " (٢) اللهم اغفر لنا وارحمنا.

* * *


(١) متفق عليه، وقد سبق تخريجه، وهذا لفظ مسلم عن أبي هريرة.
(٢) متفق عليه وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>