للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريب من قوله تعالى: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠).

وقوله تعالى: (لَمْ يَدْخلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)، الضمير في قوله تعالى: (لَمْ يَدْخلُوهَا) يعود على أهل الأعراف وهو ظاهر السياق، وهذا يقتضي أنهم لم يكونوا قد تقرر لهم دخول الجنة، ولكن لأنهم لَا تنزل بهم سيئاتهم إلى جهنم، ولم تنهض بهم أعمالهم إلى الجنة يطمعون في الجنة، وإن هذا بلا ريب يعين في ترجيح أن أهل الأعراف هم الذين لم تنهض حسناتهم حتى يدخلوا الجنة ولم تحبطهم (سيئاتهم) إلى النار.

فهم يطمعون في الجنة، ويرغبون فيها، ولكن لم يدخلوا بعد فيها.

وإن ذلك هو التقسيم العادل الذي لَا يكون إلا من الله، وهو أنه بعد أن توزن السيئات والحسنات بميزان الله وهو الوزن يومئذ بالقسط، منهم من ترجح حسناته فيكون للجنة، ومنهم من ترجح سيئاته فيكون في النار وبئس المهاد، ومنهم من لم يرجح ميزانه.

وقد يرد على هذا أنهم في مكان من الأعراف، فظاهر أنهم فوق الفريقين، ونقول: إن علوهم ليروا الفريقين، لَا لمنزلة لهم فوق أهل الجنة.

وبعض العلماء يرى أن أهل الجنة لم يكونوا قد دخلوا الجنة بعد، فالضمير في " دخلوا " يعود إليهم، والحق أن ذلك ليس متسقا مع السياق؛ لأنهم صاروا أصحابها، ويقتضي ذلك أن يكونوا دخلوا فيها، والله تعالى أعلم.

إن أهل الأعراف يقصدون إلى أهل الجنة قصدا؛ لأنها مطمعهم، ولكن لا يلتفتون إلى أهل النار لأنهم لَا يريدون الاتجاه إليهم، ولكن قد تصرف أنظارهم إليهم؛ ولذا قال تعالى:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>