إن ربكم الذي خلقكم وبرأكم أخرجكم من بطون أمهاتكم هو الله - جل جلاله - وكمل كماله، الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، و " ستة " أصلها " سدسة " فقلبت الدال تاء وأدغمت في السين فصارت ستة؛ ولذا تجمع على " أسداس "، ومنه الوصف " السادس " جريا على مقتضى الأصل لبنية الكلمة. وقد أكد الله - سبحانه وتعالى - ذلك بـ " إنَّ " الدالة على التوكيد وذكر لفظ الجلالة الذي يكسوا الكلام مهابة وجلالا، و " رَبَّكُم " مبتدأ، ولفظ الجلالة هو خبر القول، وقد وصفه الله (١) - سبحانه - بأنه الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام.
فما هي هذه الأيام، إن اليوم الذي نعرفه هو الذي يتم بدورة الأرض حول الشمس مرة، وهو يبتدئ من الغروب إلى الغروب، ولا يمكن أن يكون ذلك قبل السماوات والأرض، وخلق الشمس والقمر والنجوم، قال بعض المفسرين: إنه ألف سنة كما قال تعالى: (. . . وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كألْفِ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ). وإن الذي يقدح في ذهني أن اليوم هنا هو دور التكوين للسماوات والأرض، وقد أشار - سبحانه وتعالى - إلى ذلك بشكل يبين أدوار خلق السماوات والأرض، فقال تعالى:
ونستطيع أن نحصي الأيام الستة من هذه الأدوار؛ فالأرض والسماوات السبع قضاهن في يومين، إذ قال: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرضِ