للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس بأن السماء ستمطر، والمطر غيث يغيثهم، يشربون منه، وينبتون به زرعهم ويسقون به أنعامهم، وغرسهم، ويجنون به ثمارهم، فهي بشرا لهم، مبشرة لهم برحمة من الله ويكون المطر. وبشرا: جمع بشير، كقُلب جمع قليب، وأصلها " بُشُرًا "، وسكنت للتخفيف، وهناك قراءة بالنون، لَا بالباء، وبضم الشين، أي (نُشُرًا) (١)، وهي جمع ناشر، كما أن شهدًا جمع شاهد، والمعنى أن الرياح تنتشر، مبشرة بأن السحاب سيمطر مطرا يكون غيثا، وحول هاتين القراءتين قراءات أخرى يبلغ عددها سبعا، والفرق بينها في الكلمة، ولا يؤثر اختلافها في مضمونها.

وهي تكون منتشرة معلمة بالبشرى بالماء الذي يحيي الأنفس، ويحيي موات الأرض.

ويقول سبحانه في تحقيق البشارة: (حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا) حتى ثارت هذه الرياح فبخرت البحار فتكون منه الماء، وحملت السحاب، وتكاثفت الرياح. .

و (أَقَلَّتْ) أي حملت، ولا تقال كلمة (أَقَلَّتْ) بمعنى " حملت " إلا إذا كان سحابا ثقالا أي ممتلئة ماء.

وسحاب اسم جنس جمعي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء أو بياء النسب كتمر، وتمرة، وبقر وبقرة، وعرب وعربي، وروم ورومي. والثقال جمع ثقيل.

امتلأت السحاب بالماء، وحملتها الرياح، ولم تنزل حيث كانت، بل إن الله تعالى المنعم الموزع لرحمته لَا ينزلها إلا في مواطن الحاجة إليها على ما مضت به حكمته، وعلى مقتضى علمه - سبحانه وتعالى - فهو الحي القيوم المدبر للوجود، ولأهل الأرض (سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) أي سقنا السحاب، فالضمير يعود إليها، وهي تذكر وتؤنث، فأوما - سبحانه وتعالى - إليها مذكرا. ساق: تتعدى بـ " اللام " وتتعدى بـ (إلى)، ومعنى سوقها دفعها، وتعديتها باللام هنا لمعنى الاختصاص


(١) قرأها: (نُشْرًا)، بضم النون ابن عامر، و (نَشْرًا) بفتح النون حمزة والكسائي وخلف والمفضل، و (بُشْرًا) بباء مضمومة عاصم إلا المفضل، و (نُشُرًا)، بضم النون والشين نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب. غاية الاختصار: الجزء الثاني - برقم (٨٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>