للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا نجد النصوص الكريمة تفيد أن مقت الله تعالى من الضراء، والشدائد تنزل بالعاصين كما قال سبحانه، وكما جرى على ألسنة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.

ولقد رأينا ذلك رأي العين، فقد وجدنا رجالا كفروا بأنعم الله وساقوا أممهم إلى الفجور، والعصيان، فنزل عليهم غضب الله تعالى في خذلان مستمر، ونكسة وراء نكسة.

وإنا لَا نقول مقالة بعض الفلاسفة الذين يربطون الأخلاق الإنسانية بنظام الكون، فيقولون: إذا فسدت الأخلاق، اضطرب الكون، وانعكس الفساد في سير الأفلاك، وفي السماء وفي الأرض، وهي الفلسفة الكونفوشيوسية.

لا نقول ذلك، ولكنا نرى أن الله تعالى ربط الكفر والعصيان بهلاك الأمم، وربط فتح الأرزاق بالتقوى والإيمان، لنؤمن به، ولكن لَا نغالي مغالاة الفلاسفة. ويجب أن ننبه إلى أن المؤمنين قد يختبرون بالشدائد والمكاره ليتبين صبرهم، ويحق جزاؤهم، ولذا قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).

فإن ذلك الاختبار للقوى المؤمنة في تقواها، لَا يمنع أن الله تعالى ينزل عليهم خيرهم، والعاقبة للمتقين.

بين الله تعالى أن أهل القرى لو آمنوا لفتح الله عليهم بركات من السماء والأرض، ولكنهم لم يفعلوا، ولذا قال: (وَلَكِن كذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ) الاستدراك هنا من الوعد بفتح السماء والأرض بالبركات، فهم كذبوا ولم يؤمنوا، ولم يتقوا، فحق عليهم العذاب الشديد في الدنيا والآخرة، ولذا قال تعالت كلماته: (فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) " الفاء " هنا لترتب ما بعدها على

<<  <  ج: ص:  >  >>