للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يقول: ما علمت لكم من إله غيري، فهذا صدع بالحق من غير أي مواربة، وقال ذلك موسى، ولم ينتظره حتى يطلب دليلا، بل قال له موقنا مفحما (قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَة مِّن رَبِكُمْ) أي قد جئتكم بحجة مثبتة مبينة من ربكم، وخاطبة بقوله: (مِّن رَّبِّكُمْ) سالبا منه كل معاني الربوبية، وقاصرا لها على رب العالمين، فهو ربي وربكم، وأول طلب طلبه رفع الظلم القائم، وابتدأ بما يخصه فقال: (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الفاء للإفصاح عن شرط، أي إن كنت قد أرسلت إليك وملئك من رب العالمين، فأطلق معي بني إسرائيل من الذل الذي هم فيه. ونلاحظ بعض إشارات بيانية:

الأولى - أنه حصر الألوهية في الله تعالى وأن فرعون ليس بإله، وأن الله وحده هو الإله الحق في قوله: (أَن لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) أي في ألوهيته وعدله، ولتكن أنت ما تكون.

الثانية - أنه أفرد الخطاب لفرعون في قوله: (يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ)، وجمع في قوله: (قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ)، وأفرده في قوله: (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بنِي إِسْرَائِيلَ)؛ لأنه بسلطانه أسرهم، وما كان ملؤه له إلا معاونين.

وجمعهم في قوله: (قَدْ جِئْتُكُم)؛ لأن الدعوة الموسوية، لهم جميعا، ولأنهم أعوانه المشاركون له في ظلمه.

الثالثة - الإشارة بالرسالة بأنه حق عليه أن يبلغها صادقا.

أجابه فرعون، ولم يفرط عليه أو يطغى، كما توقع أولأ لأنه أحس برهبة الحق، ولأن الله تعالى ألقى في روع فرعون مع طغيانه رهبة الحق، أجابه بقوله: وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>