للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي خلقه الله تعالى عليها، وجعل الملائكة يسجدون له خاضعين، وحسبوا أن الله خلقهم عبثا، وأنهم إليه لَا يرجعون.

وبسبب هذا التكذيب لهذين الأمرين أصدر الله تعالى الحكم، فقال: (حَبِطَتْ أَعمالهُمْ)، أي بطلت أعمالهم فلا ثواب لهم على عمل، ولو كان فيه نفع ظاهر أو ظاهره النفع؛ وذلك لأن الأعمال ثوابها بحسب القلوب، وما دامت القلوب ممتلئة بالشرك، مدرنة بتكذيب الحق فلا خير فيها، ولا خير منها، فإن إشراق الحكمة لَا يكون إلا من قلب سليم.

ومع أن أعمالهم تكون باطلة لَا ثواب فيها، إلا أن عليهم العقاب فيما يرتكبون، ولذا قال تعالى: (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانوا يَعْمَلُونَ).

الاستفهام هنا إنكاري لإنكار الوقوع بمعنى النفي، وفيه معنى تأكيد النفي بمعنى أنه لَا يتصور إلا أن يجزون بعملهم، فهو نفي فيه معنى حصر العقاب فيهم.

وفى قوله تعالى: (يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا) فيه بيان عدل الله تعالى في جزائه، فالجزاء من العمل ذاته، فهو الذي يقرره، وكأن الجزاء هو ذات العمل لتساويهما وتلازمهما، إنه العليم العدل الحكيم.

* * *

عبادة العجل في بني إسرائيل

(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (١٤٨) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (١٤٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>