للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للترتيب والتراخي لبعد ما بين السيئة والتوبة؛ لأن السيئة فعل قبيح لَا يرضي الله - سبحانه وتعالى - والتوبة رجوع إلى الله، فالمنزلتان متباعدتان تباعد البعد من الله بالسيئات، والقرب منه بالتوبة، وقوله تعالى: (تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا) يوحي إلى أن التوبة لَا تكون بعيدة الزمن، كما قال تعالى: (إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ. . .).

(آمَنُوا)، أي أذعنوا للحق، فكأن التوبة لها ثلاث خطوات هي الشعور بالذنب والندم، ثم التوبة، ثم الإذعان لحقائق الإيمان بحيث لَا يعودون لمثلها أبدا.

وقد وعدهم الله تعالى بقبول التوبة فقال: (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)، أي إن ربك الذي خلقك وكونك من بعد هذه التوبة النصوح (لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) إن هذا بيان لقبول التوبة ببيان وصف قابلها، وهو أنه غفور للذنوب قابل للتوب، وأنه رحيم بعباده يريد لهم التوبة، ولا يريد لهم العقاب إلا أن يصروا إصرارا.

وفى هذا النص تأكيد بقبول التوبة بالتأكيد بالجملة الاسمية، وبوصف الربوبية، وبوصف الغفران والرحمة، وبـ " إن " وباللام في قوله: (لَغَفُورٌ رحِيمٌ).

وإن الله تعالى في القرآن الكريم حيث يذكر العقاب يذكر التوبة وقبولها حتى لَا ييئس المذنب من غفرانه، فينساق في معاصيه وهو يقنط من غفران الله ورحمته، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣).

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>