بوجوب التبليغ، ونشر الإسلام، والدعوة إليه، من أجل هذا خصوا بالبيان بين الذين كتب الله تعالى لهم الرحمة.
وقوله تعالى:(الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ) نقول في الكلام في معناه: الرسول هو المرسل من قبل واحد إلى واحد أو جماعة، والرسول في القرآن الكريم هو المرسل من الله تعالى لخلقه لتبليغ شريعته وبيان التكليف الذي كلف الناس إياه، والنبي الذي أنبأه الله تعالى، وشرفه بتلقي وحيه، وإن وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة والنبوة فيه للملزوم واللازم، فإن الرسالة تلزمها النبوة في المعنى القرآني، لأنه لا يعد رسولا إلا إذا كان نبوة عن الله، وقد تلقى العلم عن الله جل جلاله بوحي، أو يكلمه من وراء حجاب أو يرسل رسولا.
وذكرها - أي وصف الرسالة والنبوة - مع هذا التلازم فيه إشارة إلى التبليغ، وإلى أنه يُنبأ من الله تعالى، والأُميّ نسبة إلى الأم، أي أنه جاء في العلم والكتابة كما ولدته أمه، أو نسبة إلى أمه، ذلك أن العرب لم يكونوا أهل علم وكتاب، فلم تغلب عليهم العلوم والكتابة، وإن كان فيهم من يعرفون الكتابة وبعض العلوم، ولذا كان يطلق عليهم الأميون، وذكر القرآن الكريم ذلك الوصف لهم، فقال تعالى:(هُوَ الَّذِي بعثَ فِي الأُمِّيِّينَ رسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ. . .).
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أميا لَا يقرأ ولا يكتب لتكون الحجة عليهم قاطعة بنزول القرآن الذي فيه علم الأولين والآخرين، وهو لَا يمكن أن يكون من أمي قط، ولذا قال تعالى:(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨).
ولقد حاول الذين لَا يرجون للإسلام وقارا أن يكذبوا فيدعوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف القراءة والكتابة ليشككوا في القرآن، وقد حاول بعض المتحذلقين من المسلمين أن يقول في هذه المقالة الكاذبة فردهم القرآن الكريم ردا عنيفا؛ لأنهم يسايرون الكفار الكذابين.