للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قال تعالى: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أناسٍ مشْرَبَهُمْ) معناها أنه علم كل سبط من الأسباط المكان الذي يشرب منه فلا يتزاحموا على مشرب واحد، فيأخذ كل الماء براحة من غير مشاحة ولا تزاحم.

والنعمة الثانية - أن الله تعالى ظللهم بالغمام ليدفع حر النهار ووهج الشمس، فقال تعالى: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ).

والنعمة الثالثة - أن الله أطعمهم في وسط هذه الأرض المجدبة التي لَا زرع فيها ولا ثمر، فقال: (وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) وقد ذكرنا معناهما في سورة البقرة، وكيف تململوا منها مع طيبها، وجودة غذائها، وأمرهم سبحانه أمر إباحة بأن يأكلوا منها طيبة، فقال تعالى: (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَما رَزَقْنَاكمْ) و " من " هنا بيانية والمعنى كلوا طيبات ما رزقناكم، والمغزى وصفها بأنها طيبة كلها، ومن البيانية دالة على كمال طيبها، وكمال الإنعام بها.

ولكنهم كفروا بالنعمة ولم يقوموا بشكرها، وما ظلموا الله بكفر النعمة، ولكن ظلموا أنفسهم بهذا الكفر لأنه انهواء لنفوسهم، وحط من كراماتهم، وتسهيل للذلة عليهم، لأن الطاعة عزة، والعصيان ذلة لذوي النفوس المدركة، ولذا قال سبحانه: (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)، أي لم يظلموا إلا أنفسهم، ولذا قدم الجار والمجرور على الفعل، وتأكد ظلمهم لأنفسهم وحدها بـ " كانوا " الدالة على الاستمرار باستمرار عصيانهم، والله تعالى هو العدل الحكيم.

وقد ذكر - سبحانه وتعالى - ما كان منهم من الكفر بهذه النعمة، فقال:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>