للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يقول قائل: إن لهم في هذه الأيام غلبا، فهم يسيِّرون دفة الأمور في الأرض الجديدة، وإن كانوا عددا قليلا، وهم يتحكمون في مال الدنيا وخيراته، وهم قد اقتطعوا من أرض العرب قطعة طاهرة مقدسة.

ونقول في ذلك: إنها فترة صغيرة في حكم الزمان، وعرض من أعراض الحياة الفاسدة في الأرض، وهم الأذلاء وإن بدوا في غطرسة، فمن يستمد القوة من غيره ذليل، ولو حكم وملك، ولقد قال تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفوا إِلَّا بِحَبْلٍ منَ اللَّهِ وَحَبْل مِّنَ النَّاسِ. . .).

ولقد صدق الله إذ يقول: (إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ)، أي إن العقاب الذي ينزله تعالى سريع مؤكد وقوعه، والسرعة هنا تطوى في ثناياها معنى الشدة، لأنه يفجؤهم من حيث لَا يحتسبون، ويجيئهم من حيث لَا يتوقعون فيكون أشد وأقسى.

وإنه - سبحانه وتعالى - بجوار عذابه للمعاندين الكافرين المستكبرين تكون رحمته ومغفرته للمؤمنين المتقين، ولذا يقول تعالت كلماته: (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رحِيمٌ)، أي أنه يغفر الذنوب جميعا برحمته، وقد أكد غفرانه ورحمته بالجملة الاسمية، وبإن، وباللام في خبر إن، وكذلك كان تأكيد العقاب.

وقد تفرف بنو إسرائيل في الأمم، وكان منهم الصالحون، ومنهم القاسطون، ولذا قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>