للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم) هذا حكم عام بالنسبة للمكذبين بالآيات، لَا يأخذهم سبحانه بمجرد تكذيبهم، بل يمهلهم ويغدق عليهم الرزق حتى إذا تمادوا في شرهم، ولم تهدهم النعمة، ولم يحسوا بشكرها أخذهم الله تعالى من حيث لَا يحتسبون، فهو يختبرهم بالآيات فيها العبر، ثم يختبرهم بالنعم.

ومعنى (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) نأخذهم درجة بعد درجة نازلين إلى الهاوية من حيث لَا يشعرون؛ من مكان لَا يشعرون فيه أنهم كلما أنعم عليهم بنعمة وكفروها يسيرون إلى الهاوية وهم لَا يشعرون، إن الله يختبر المكذبين لآياته الكونية وما تدل عليه، والمكذبين لمعجزات النبوة كالقرآن، وسائر آياته لأنبيائه، يختبرهم بالنعيم أحيانا يذوقونه ثم يحرمون منه.

ولقد قال تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥).

وإن ما يكون عليه الكافرون من ملاذ وزخارف لَا يصح أن يكون علامة الرضا، بل هو في أكثر الأحوال علامة السخط، وقد قال تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥). وإن ذلك من إملاء الله تعالى، ليزدادوا ضلالا وفتنة. ولقد أكد الله تعالى ذلك فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>