للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن هذا النص بما فيه من رد على أسئلتهم فيما يتعلق بالساعة فيه تأكيد لبشرية النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه لَا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله تعالى، فأنا تحت سلطانه وظله، لَا أملك إلا ما يملكني، وما لَا يملكني ممنوع على لَا سلطان لي فيه " وإن علم الغب لله وحده، فعلم الساعة له وحده، وأنا لَا أعلم الغيب، وإنما علمه عند الله عالم الغيب لَا يُطلع أحدا عليه، ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر من ربه: (وَلَوْ كنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) لطلبت الكثير من الخير ونلته، فكنت أستنصر في الحروب في غير مكيدة ولا تدبير، ولدفعت أمر الشرك، ولجعلت الأرض خصبة إن كانت جدبا، ولكني أفوض أمري إلى، إن أعطاني فبإحسانه، وإن منعني فبحكمته وهو العليم.

(وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)، ولو كنت أعلم الشيب ما مسني السوء فما يمسني ضر، ولا أنهزم في حرب، ولا أغلب في أمر، إنما أنا كسائر البشر أغالب أهل الشر وأنازعهم، وأنال منهم، وربما ينالون مني.

وإنما ما اختصصت به هو الرسالة وحدها، وأن الله يكلفني؛ ولذا قال: (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لقَوْمٍ يؤْمِنونَ)، أي أنه مقصور على الرسالة لَا يتجاوزها، ولا يعدوها، فهو نذير للكافرين، بشير للمؤمنين (إِنْ) في الآية نافية، فهي نافية إلا ما ثبت بعد الاستثناء، إلا وهو الرسالة من الله ينذر بها الكافر، ويبشر بها المؤمن.

وإنما ينتفع بالبلاغ المحمدي بالإنذار والتبشير - المؤمنون، فهم الذين يخافون عذابه إن أنذروا، ويجيبون نداءه ويستبشرون برحمته إن أطاعوا، والله سبحانه هو الهادي إلى سواء السبيل.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>