واحد، أو نقول النفس الواحدة هي نفس آدم وجعل الله تعالى زوجها من جنسها أو منها (لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)، ليأنس روح كل منهما بصاحبه والمؤدى في التخريجين واحد، وهو التجانس التام بين النفسين، النفس التي انبعثت منها زوجهما والزوج المنبعث. وقوله تعالى:(لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) توضح التجانس، سواء أذكر ابتداء، أم كان ذكر بانتهاء القول، أي سواء أفسرنا النفس بالوحدة الجنسية، أم فسرنا النفس بآدم وحواء.
ويلاحظ هنا من الناحية البيانية أنه - سبحانه وتعالى - ذكر النفس في السياق بالسياق مرة بأنها مؤنثة الضمير عليها مؤنثة فقال:(خَلَقَكم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوجَهَا) فلما بين الله - سبحانه وتعالى - ثمرة ذلك التجانس، وهو التلاقح بين الذكر والأنثى ليبقى الوجود، وليكون ذلك التجانس منتجا أقصى غايته، قال:(فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا) بيَّن حينئذ الذكر والأنثى، وأن الذي تغشى عند اللقاء المنتج بينهما هو الذكر، وأن التي تُغشى هي الأنثى، وبذلك تكون الثمرة الإنسانية هي نتيجة ما بينهما، ولذا عاد الضمير مذكرا، فتغشى معناها: كان بينهما ما أوجبته الفطرة.
ولقد ذكر - سبحانه وتعالى - مراتب الشعور بالحيل الذي يكون نتيجة لذلك التغشي فذكر مراتب ثلاثة:
المرتبة الأولى - مرتبة الحمل في أوله، وهي مرتبة تردد وتعرُّف، فقال تعالى:(فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا)، أي سهلا محتملا، ولم يمنعها من عمل، وكان من صفات هذه المرحلة أنها لم تعقها عن عمل، ولم تمنعها من أداء واجباتها المنزلية، ولذا قال تعالى:(فَمَرَّتْ بِهِ)، أي كانت تنتقل به، فـ " الباء "