للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفى قراءة (طيف من الشيطان) أي غضب، أو خيال يمس الوجدان من الشيطان بأن همز الشيطان في نفوسهم فسرعان ما يستيقظ وجدانهم العامر بتقوى الله تعالى فيتذكرون الله ويرجون ثوابه، ويخافون عقابه سبحانه، فإذا غشاوة الشيطان تزول عنهم، ويرجعون إلى ربهم، وكما قال تعالى: (فَإِذَا هُم مُّبْصرُونَ).

والتعبير بالموصول يفيد أن الباعث على ذكر الله تعالى، وحضوره في القلب واستيلائه على الإحساس والشعور بالواجب أنشأته التقوى.

والطيف والطائف معناه الغضب، ومنهم من فسره بإلمامة الشيطان، ومنهم من فسره بالهم والذنب، ومنهم من فسره بالذنب.

وإن الطائف يحتمل كل ذلك، وربما يشملها جميعا، وهي من الشيطان.

وقد يكون طائفٌ من الرحمن كما في قصة أصحاب الجنة التي قال الله تعالى فيها: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠).

فالطائف يطوف من الشيطان بالغضب أو الذنب، أو الهم بالذنب، أو نحو ذلك.

ومعنى النص الكريم أن الذين اتقوا ربهم إذا هموا بالشر أو أرادوه سرعان ما يرجعون فيتوبون فيقبل الله تعالى منهم. وينطبق عليهم قول الله تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ. . .).

وإن أهل التقوى لَا يكونون بعيدين من ربهم، بل هم على مقربة منه، قلوبهم عامرة بذكره، فإن أصابتهم غمزة، فغفلوا، فسرعان ما يتنبهون، وسرعان ما يبصرون ويثوبون.

وقال تعالى في التعبير عن تنبههم للمعصية عندما تساورهم أسبابها: (فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) عبر أولا بالمفاجأة للناظر لحالهم، وطائف الشر يطوف بهم، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>