على ما يوحى به الله، وحصره بـ " إنما " أي ليس لي أن أقترح عليه آية لم يأت بها، وبين الدليل على وجوب الطاعة فيما اختار، فهو ربي الذي خلقني وأرسلني، وهو أعلم بما يصلح دليلا لرسالتي وما لَا يصلح، وهو وحده الذي يوحي إليَّ فليس لي أن أقترح عليه، وإن كفرتم بآياته فقد كفرتم به، وفي هذا الجزء برهان صدق الآية التي تحداهم بها.
الجزء الثاني وصف الآيات. فقال تعالى:(هَذَا بَصَائِر مِن رَّبِّكُمْ) البصائر جمع بصيرة وأصلها من البصر وهي الرؤية والنظر ثم الإدرك والفهم ثم أطلقت على ما يؤدي إلى الإدراك أو هو آلته، فإطلاق البصائر على الآيات من قبيل المجاز؛ لأنها سبب إدراك الحقائق الربانية، والسبيل إلى معرفة الله تعالى وقدرته، ورسالاته الإلهية، فهي من قبيل إطلاق اسم السبب، وإرادة المسبب، وهو إبصار الحقائق الربانية، ومعرفتها.
وإذا كانت هي بصائر آتية من قبل الله تعالى فهو الذي يجتبيها ويختارها، ويريدها، وهي من ربكم الذي خلقكم وبرأكم، وهو أعلم بمن خلق ورلت وبرأ وهو اللطيف الخبير.
والجزء الثالث قاله تعالى في وصف هذه الآيات، وهو الذي قاله بقوله تعالى:(وهُدًى وَرَحْمَةٌ لقَوْم يُؤْمِنُونَ).
هذان وصفان وصف الله تعالى آياته، وأخصها القرآن، ففيه أمران جليلان ذا شأن في الرسالات الإلهية:
أولهما - فيه هدى يهدي إلى الحق، وإلى صراط مستقيم، فهو يبين الهدى من الضلالة، والنور من الظلمات بما اشتمل عليه، وبدلالته الذاتية، وبإعجازه، وبأنه يهدي إلى الطيب من القول، ويهدي إلى الصراط الحميد.