للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا تعجب من عدم تعذيب الله لهم بالمغالبة، ومنازعتهم ما وضعوا أيديهم عليه بالباطل، وأقاموا أصنامهم فيه، وليسوا أهلا لولايته.

والاستفهام للتعجب من مناقضة حالهم لما يجب لحرم الله الآمن، والمعنى أي أمر ثبت لهم حتى يقيموا في الحرم ولا يعذبهم يمنعهم منه، وهم يحاربون شعائره، وذلك بصدهم عن سبيل الله، وعن المسجد نفسه فهم يمنعون النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يؤدي المناسك، ويمنعون ضعاف المؤمنين بإيذائهم، ويصدون الناس معنويا بوضع الأصنام على الكعبة بناء إبراهيم، وينتهكون المحارم، بحمل الناس على الطواف عرايا رجالا ونساء، حتى إنهن ليسترن سوءاتهن بأكفهن، هذا كله صد عن البيت.

فكيف لَا يعذبهم الله بمغالبتهم على الاستيلاء على البيت، والحال أنهم لا يقومون على حرمات البيت، وهو المسجد الحرام الذي جعله الله حرما آمنا، والناس يتخطفون من حوله.

والتعذيب، كما أشرنا هو مغالبتهم لنزع البيت من تحت أيديهم، ووضعه في يد أولياء الله ولكنهم يدعون أنهم سدنته، أو أنه بأيديهم مفاتيحه، من عهد إبراهيم، وقد أجاب الله تعالى عن ذلك بأنهم ليسوا أولياءه، أي ليسوا حُماته، أو القائمين عليه؛ وذلك لأن ولايتهم إنما هي بالخلافة عن إبراهيم بانيه ورافع قواعده، وما كان مشركا.

وإنهم إذ أشركوا، وصدوا الناس عن المسجد الحرام، ومنعوا غير العرايا، قد فقدوا صفة الخلافة عن إبراهيم الذي جاء بالحنيفية السمحة، قد فقدوا الحق في هذه الولاية. ولذا قال تعالى: (وَمَا كَانوا أَوْلِيَاءَهُ) أي ما استمرت لهم هذه الولاية، لأن " كان " تدل على الاستمرار وفيها نفي لهذا الاستمرار.

والولاية الحق تكون لن كانوا على ملة إبراهيم السمحة، ولذا قال: (إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) هذا قصر للولاية على الموحدين المؤمنين الذين بلغوا ذروة

<<  <  ج: ص:  >  >>