للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعندما تلا عليهم أمير المؤمنين عمر هذه الآيات خروا صاغرين ووافقوا على ما قال، وقد دل هذا على أمرين:

أولهما - أنهم عدُّوا الفيء من الغنائم، إذ أجروا على الغنائم حكمه، وكذلك قال بعض فقهاء الصحابة والتابعين فعدوا الأنفال والفيء والغنائم مؤداها واحد، وإن اختلفت أسماؤها.

ثانيهما - أن الغنائم لَا تكون إلا في المنقول الذي ينقل من حيز إلى حيز كالعروض والذهب والفضة والأواني والثياب ونحوها، وقد قال ذلك الرأي بعض الصحابة، جاء في تفسيرِ القرطبي: " لم يختلف العلماء "، في أن قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنمَّا غَنِمْتُم مِّن شيْء) ليس على عمومه، وأنه يدخله الخصوص فمما خصصوه بإجماع أن قالوا: سلَب المقتول لقاتله إذا نادى به الإمام، وكذلك الرقاب أعنى الأسارى الخيرة فيها إلى الإمام بلا خلاف. . . . ومما خص به أيضا الأرض، والمعنى ما غنمتم من ذهب وفضة وسائر الأمتعة. وأما الأرض فغير داخلة في عموم هذه الآية. . . . ولو كانت الأرض ما بقي لمن جاء بعد الغانمين شيء، والله تعالى يقول: (وَالَّذينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ)، بالعطف على قوله:

(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ. . .)، قال: أو إنما يقسم ما ينقل من موضع إلى موضع.

نقلنا هذا الكلام، لبيان أن من علماء الصحابة من قال: إن الغنائم ما يؤخذ وينقل، والأراضي لَا تنقل ويستولى عليها، فلا تعد عليها، ولنضع الحجارة في أفواه الذين يقولون: إن الإمام عمر رضي الله عنه عارض النص بالمصلحة عندما عارض نصا، ولما اعتمد على المصلحة وحدها لم يجد من يوافقه من الصحابة إلا من كان له مثل علمه، وبصره بالنصوص كعلي بن أبي طالب عالم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) - من - في قوله تعالى: من شيء، بيانية

<<  <  ج: ص:  >  >>