للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن البرذون (١) من الخيل عند الحنفية، وعند الأوزاعي لَا يعد البرذون خيلا، والحق ما قاله الحنفية فإنه لَا فرق في المعنى بين الخيل والبرذون (راجع الرد على سير الأوزاعي لأبي يوسف). وإنه يجب التنبيه إلى أمرين: أولهما - أن ذلك التقسيم للغنائم هو عمل الله تعالى، يروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال: " لا يحل من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس، والخمس مردود عليكم "، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبوالدرداء وقد تناول وبرة بين أنملتيه: " إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخْيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله تبارك به من الغم والهم " (٢).

ثانيهما - أن هذه الغنائم ليست سلبا ولا نهبا، كما ادعى بعض الكذابين من كتَّاب الفرنجة، إنما هي مغازم النصر، ومغارم الاعتداء، وإنما حرب المسلمين للمعتدين رد لاعتدائهم، وسلوا جيوش أوربا فإنها لَا تكتفي بما يؤخذ من أموال المغلوب نتيجة للغلب، بل إنها بعد الصلح تأخذ كل ما تغنم، وتفرض عليه ما أنفقته في الحرب، وأنى هذا من عدل الإسلام الذي لَا يفرض أن ثمة مجرمي حرب، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين.

ويقول سبحانه: (إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ) الشرط هنا متعلق بقوله: (فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ)، أي الخمس يكون لله وللرسول (. . . إن كان الإيمان شعاركم، وكنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، فإن ذلك الإيمان يجعلكم تعطون حق الله وحق الرسول)، وحق ذوي القربى واليتامى والمساكين طيبة بذلك نفوسكم مطمئنين


(١) البِرْذون: وجمعه براذين، دابة الحمل الثقيل.
(٢) رواه أحمد: باقي مسند الأنصار - حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه (٢٢١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>