للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجعله قليلا، ويجعله كثيرا، ولا تغير في الحقائق إنما التغير في الإدراك لحكمة علمها اللَّه وقدرها، وكان النصر بسببها وهو ينصر من يشاء بإذنه.

الثانية - قوله تعالى: (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) - فقوله " في أعينهم " فيه إشارة إلى أن هذا التقليل في أعينهم هو من إرادة الله تعالى، لأنه استهأنة منهم أدت إلى استرخاء في القتال، فالله سبحانه وتعالى ما جعل المؤمنين قلة، لأنهم فعلا كانوا قلة، ولكن عمل الله جعلهم يجعلون من أمر قتالهم أثهم قلة فقاتلوهم على أنهم عدد قليل فاستهانوا ونهاونوا، وكان النصر المؤزر.

وقال تعالى: (لِيَقْضِيَ اللَّهَ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا) أي ليحقق الله بقضائه المحتوم أمرا كان مفعولا أي صار واقعا ثابتا، وهو النصر بفضل الله، وتأييده، فقد حقق الله تعالى كل أسباب النصر فهيا الأسباب المادية من النعاس الآمن، وأنزل المطر الذي لبد الأرض، وهيا الأسباب النفسية من بشارة الملائكة، ومن تقليلهم في أعينهم.

وختم الله تعالى بقوله: (وَإِلَى اللَّهِ ترْجَعُ الأُمُور)، أي إلى الله وحده ترجع الأمور يوم القيامة، فهذا هو نصر الله عليهم في الدنيا بتوفيقه سبحانه، وتهيئة كل الأسباب المؤدية إلى النصر، وفي الآخرة الأمور كلها إليه سبحانه. وتقديم الجار والمجرور دليل على أن الأمور لَا ترجع إلا إليه سبحانه وهو يجازي المحسن إحسانا، وللمسيء العاقبة السوءى.

وقد بين سبحانه من بعد ذلك أن الثبات هو القوة، وقد ذكرنا أنه عبرة النفوس في القتال فقال تعالي:

<<  <  ج: ص:  >  >>