للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا النبي الأُميّ المقصود بالرسالة، وكان حقًّا عليهم أن يتبعوه بمقتضى البشارة التي بشرت به التوراة والإنجيل.

وقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ) إشارة إلى أن هذه البينات وحدها فيها الدلالة على صدق ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهي المعجزة الكبرى التي تحدى بها عباده أجمعين، الجن والإنس والأجيال كلها (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)، وقد جاءت على يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - خوارق للعادة حسية كثيرة، ولكنه لم يتحد المشركين وغيرهم أن يأتوا بمثله إلا بالقرآن، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " ما من نبي إلا أوتي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحى إليّ، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " (١).

وكانت المعجزة من هذا النوع؛ لأن رسالة محمد خاتمة الرسائل الإلهية، وهو خاتم النبيين، فكانت من نوع الكلام الذي يبقى متحديا الأجيال كلها حجة قائمة إلى يوم القيامة. .

ولقد أكد الله تعالى نزول القرآن باللام وقد، فقال تعالى: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَات) ولكن كفروا (وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ)، أي المتمردون في الكفر الخارجون عن كل حد، إذ إنها آيات واضحة شاهدة بصدق ما جاء بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالفاسق الكافر المتمرد الخارج عن كل حد، وقد قال الحسن البصري: إذا استعمل الفسق في نوع من المعاصي، وقع على أعظم أفراد ذلك النوع من كفر أو غيره، فالفاسق الكافر أشد أنواع الكفر؛ لأنه تمرد على كل معقول.

وقوله تعالى: (وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ) نفيوإثبات للدلالة على أن الكفر بهذه الآيات البينات لَا يمكن أن يقع من إنسان فيه الفطرة الإنسانية، بل لَا يقع فيه


(١) عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " مَا منْ الأنْبيَاءِ نَبِي إِلا أعْطِي مَا مِثلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذي أوتيتُ وَحْيًا أوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيًّ فَأرْجُو أنْ اكُوَنَ أكْثرهُمْ تَابِعا يَوْمَ الْقيَامَة ". [متفق عليه: رواه البخاري: فضائل القرآن (٤٥٩٨) ومسلم: الإيمان (٢١٧)].

<<  <  ج: ص:  >  >>