للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأطلق على الخيل؛ لأن المرابطة تكون بها، ومهما يكن فالمراد من رباط: الخيل المجتمعة، وخصت الخيل بالذكر؛ لأنها كانت قوة الحرب، في العرب، وربط الخير بنواصيها، فكانت رمز القوة، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الخيل ثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر، ولرجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها، ولا في ظهورها فهي له ستر، ورجل ربطها فخرا ورياء فهي له وزر " (١).

وقوله تعالى: (تُرْهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَكُمْ) ترهبون أي تخيفون، وتفزعون، وتربون في نفوس أعدائكم المهابة، وتلقون في قلوبهم الرهبة وسمى الكفار عدو الله؛ لأنهم كفروا به وكذبوا آياته، وسماهم " عدوكم؛ لأنهم يريدون بكم الأذى، ويناصبونكم العداوة لإيمانكم وكفرهم.

وقال تعالى: (وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) وقوله: (مِن دُونِهِمْ) أي من غيرهم، أي من غير الذين يجاهرون الآن بعداوتكم من المشركين واليهود وغيرهم ممن يلاقونكم من الرومان الذين يعاصرونكم، ويشير بهذا إلى الذين يجيئون بعد ذلك الذين لَا يعلمهم المسلمون في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن والاه والله تعالى يعلمهم؛ لأنه علام الغيوب، وإن الله تعالى يشير بذلك إلى الأخلاف الذين يجيئون بعد ذلك، فإنه بمجرد أن انتشر الإسلام في الأرض ودخل الناس في الدين أفواجا، صار المسلمون في مذأبة من الأرض، فأوربا أرادت أن تنقض على الإسلام من الشرق والغرب. . . . والتتار أخذوا ينقصون على المسلمين الأرض من أطرافها.

وكان لابد من قوة تقهر وترهب هؤلاء، وتلقي مهابة المسلمين في قلوبهم، ولكن مع ذلك لم يستجيبوا لنداء الله، ولم يعدوا ما استطاعوا من قوة، وإن ذلك الاستعداد كان يوجب أولا - أن يكون لهم مصانع تصنع لهم الأسلحة لَا أن


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>