و" الواو " في قوله (وَمَنِ اتَّبَعَكَ) هي واو المعية، والمعنى عاصمك وكافيك مع المؤمنين ذلك، أن النبي خاف من الحروب على من معه من المؤمنين أن يُخانوا أو يخدعوا، فبين الله أنه حاميه وعاصمه هو ومن معه من المؤمنين، فلن يأخدهم من مأمنهم، لأن الله معهم.
ويصح أن تكون الواو عاطفة " من اتبعك من المؤمنين " على " الكاف " في " حسبك "، ويجوز العطف على الضمير المجرور من غير إبرازه بضمير منفصل، ويكون المعنى حسبك أنت ومن معك من المؤمنين.
والمعنيان واضحان من حيث المؤدى، ولكن الأخد بأن الواو للمعية أولى؛ لأنها تدل على الصحبة، والتصريح به هنا يقوى الكلام ويؤيده.
وقوله:(وَمَنِ اتَبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) يشير إلى حكمة العصمة والكفاية، وهو كونهم الذين اتبعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته، ونصرته، وإنهم بذلك قوة الرسالة، فهم قوة الدين الحق، وكان الله تعالى عاصمهم كما وعد نبيه بأنه عاصمه من الناس كما قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. . .).
وإن الله تعالى إذ يأمرنا بالسلام، إن جنحوا، ويزيل كل شك في أن يأخدوا المؤمنين على غِرَّة يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يجعل المؤمنين على حذر ويستعدوا للحرب إن جالوا جولة ثانية، وذلك بأن يحرضهم على الاستعداد للقتال، وأن يقووا وحدتهم، وجماعتهم وأن يعلموا أنهم لن يُغلبوا من قلة.
إن الفئة المؤمنة لها قوتان: قوة الإيمان، والعدد المناسب، وقوة الألفة فوقهما، فيكونون بهذه القوة محاربين أشداء؛ ولذا قال تعالى: