للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاستطاعة، والاستطاعة كانت عظيمة، فالواجب عظيم. ينتهي الأمر بأن المؤمنين عليهم أن يعدوا العدة من قوة المادة والدربة وأن يعدوا أقوى عدة، وهي الصبر والعزيمة والاعتزاز بعزة الله تعالى وعزة الحق.

وهنا أمور تجب ملاحظتها هنا في هذه الآية التي تثبت القلوب:

أولها - أنها تثبت أن المؤمنين إن كانوا أقوياء بالوحدة المؤلفة الجامعة للقلوب والمشاعر، يكون العشرون غالبين لمائتين، فإذا كان الرجل بالرجل، فلِقُوَّة النفس والائتلاف تسعة رجال وحدها، فيكون الواحد بعشرة، وبذلك يتبين فضل الصبر والوحدة المؤتلفة التي لَا تفرق فيها.

ثانيها - أن الله تعالى وصف العشرين بالصبر، وترك ذكره في المائة، وهو ملاحظ فيها، ولم يذكر اعتمادا على ذكره في الأول، وذلك شأن الكلام البليغ فكيف يكون الشأن في أبلغ كلام في الوجود.

ثالثها - قوله تعالى في آخر الآية: (يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهو وصف أيضا للمائتين، أي أنهم من الذين كفروا، وذكر الوصف بالموصول للدلالة على الكفر هو سبب الضعف كما كان الإيمان والصبر هما بسبب القوة فينا، فعلينا أن ندرع بالصبر والإيمان دائما، لأنهما قوتنا، وعزتنا.

وقد علل الله سبحانه هزيمة الكفار بقوله تعالت كلماته: (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) أي سببًا لذلك التفاوت في القوة الذي كان مظهره التفاوت العددي، بأن

كانت العشرون الصابرة تعادل منهم، السبب في ذلك " أنهم قوم لَا يفقهون " أي لايدركون إدراكا ينفد إلى الحقائق، وإلى لب الأمور، فإنهم بذلك ضلوا، فلم ينفذوا إلى الحق فيؤمنوا به، ولم ينفذوا إلى إدراك قوة الحق فظنوا أنهم يغلبونه بالكثرة الكاثرة، ولا تغنيهم في الشديدة فتيلا، ولم ينفذوا إلى سبب الغلب، فغرهم الغرور.

<<  <  ج: ص:  >  >>