للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العدد في حال القوة، والتآلف بين المؤمنين، والثانية خفف فيها العدد الأول لحال الضعف، والجهة منفكَّة بينهما.

وهكذا بيَّن أو مسلم الأصفهاني ونفي أن يكون النسخ بينها سيرا على مبدئه الذي انتهى إليه أنه لَا نسخ في القرآن قط، وأن القرآن ينسخ غيره، ولا ينسخ حكمه أبدا.

ولقد ادُّعي الإجماع بأن الثانية نسخت الأولى، ولكنه ليس إجماعا، ولكنه قول قيل، وقبله كثيرون من علماء الأصول وساروا في دراسة الموضوع في الآيتين على أن ثمة نسخا.

والحق أن الآيتين حكمهما خالد دائم إلى يوم القيامة، وهو أنه في حال القوة يكون العشرون كفء المائتين وفي حكم الضعف بالأسباب التي ذكرناها، أو بعضها - يكون المائة في مقابل مائتين.

ولقد قال تعالى في نصر المائة أمام مائتين، والألف أمام الألفين: (بِإِذْنِ اللَّهِ) وفى الواقع كان نصر إنما هو بإذن الله، ولكن ذكر هنا، ولم يذكر في الآية الأولى للإشارة إلى أن الضعف والتخاذل لَا يكون معه نصر إلا إذا كان ثمة إذن الله، للحث على منع التخاذل والتنازع والتردد، واتقاء كل أسباب الضعف والله يؤيد من يشاء بغير حساب.

وختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) والمعنى في ذلك: والله تعالى بجلاله وقوته وتأييده مع الصابرين، وهذه المعية السامية تجعل الصابر مطمئنا إلى النصر لَا محالة لسببين:

أولهما - أن الله معه، ومن يكون اللَّه معه تكون معه القوة كلها، فلا تقف أمامها قوة في الأرض فكيف يغلب، إنها تدرأ العجز، وتغلب القوة، بل يجعل من الضعف قوة فيكون النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>