الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا - أي الإسلام - فادعهم إلى إعطاء الجزية. فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا - أي الإسلام والجزية - فاستعن بالله وقاتلهم " (١).
هذه رواية مسلم، وظاهر أن الولاية المنفية هي ولاية الاشتراك في قسمة الغنائم وما يترتب على الإخاء، أما الإيمان فولايته قائمة ثابتة وهي ولاية النصرة، ولذا قال تعالى:
إن هذه ولاية الإيمان وهي توجب النصرة على أساس أن المؤمنين جميعا إخوة، كما قال تعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠).
فحيثما كان المؤمن فهو في ولالة المؤمنين مهما تختلف الديار، وتتباعد الأقطار، ولذلك إذا استنصر المؤمن؛ أي طلب النصر - وجبت نصرته، فالسين والتاء للطلب أي طلب النصرة، في دفع عدوٍّ دَاهِم، أو في حرب عادلة؛ ولذا قال تعالى:(فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) والاستجابة لطلبه، وقد استثنى الله حالا واحدة، وهي أن يكون ثمة ميثاق، أي عقد موثق بمواثيق الله تعالى، وميثاق وزن مفعال من (وثق)، فأصله (مِوْثاق) قلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة، والمعنى عليكم النصر، أي فإن دعوكم فعليكم الإجابة إلا أن يكون النصر الذي تنصرونهم فيه يكون على قوم بينكم وبينهم ميثاق، أي لَا تنصروهم على قوم لهم ميثاق، ولكن يجب أن تدفعوا عنهم كل من يعتدى عليهم، ولو كان بينكم وبينهم ميثاق، لأنهم ينقضون الميثاق بمجرد أن يعتدوا على مؤمنين، فلا عهد مع الاعتداء على أهل الإيمان.
(١) مختصرا من حديث طويل رواه مسلم: الجهاد والسير تأمير الإمام الأمراء على البعوث ووصيته (١٧٣١)