للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه أحقر شيء منها لمصلحة، فلا يدري أي طرفيه أطول، ويغريه الشيطان عن أجلِّ حظ من حظوظ الدين فلا يبالي كأنما وقع على أنفه ذباب فطيَّره.

هذه حال الناس في عهد الزمخشري، يوم تقاتل المسلمون، واستبدل الملوك بالجهاد في سبيل الله القتال بينهم فصار بأسهم بينهم شديدا، ونسوا الجهاد حتى جاءهم من لَا يرحمهم. جاء الصليبيون من أوروبا وجاءهم التتار من الصين ففرقوهم شذر مذر.

ولقد توقع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقال: " يوشك أن تداعي عليكم الأمم كما تتداعي الأكلة إلى قصعتها!، قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؛ قال: " بل أنتم كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من قلوب عدوكم المهابة، وليرزقنكم الوهن " قالوا: وما الوهن؛ قال: (حب الدنيا وكراهية الموت " (١) اللهم حبب إلى قلوبنا الإيمان، وأن يكون الله ورسوله وجهاد في سبيله أحب إلينا من آبائنا، وأبنائنا، وإخواننا وأزواجنا وعشيرتنا، وأموالنا، وتجارتنا، ومساكننا، وكل حظوظنا، فإن ذلك إن كان، فقد وُهبت العزة وصارت تحت أقدامنا حظوظ الدنيا.

* * *

يوم حنين

قال تعالى:

(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا


(١) رواه أحمد: باقي مسند الأنصار - ومن حديث ثوبان رضي الله عنه (٢١٨٩١)، ورواه أبو داود في الملاحم - تداعي الأمم على الإسلام (٤٢٩٧) ولفظه: " وليقذفن في قلوبكم الوهن ".

<<  <  ج: ص:  >  >>