إن البيت الحرام أول بيت بني للعبادة، قال تعالى:(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، وقد وضعه الله تعالى على يد
إبراهيم أبي العرب، (مَا كانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وقد مكث آمادا في أيدي المشركين الذين كانوا يعرفون الله، ولكن لَا يعبدونه، وجاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ليعيدهم إلى التوحميد ملة إبراهيم، فحطم الأوثان. وكان حقا - وقد عاد البيت إلى ملة إبراهيم - أن يمنع منه المشركون، ونريد أن نفسر الشرك هنا بعبادة غير الله، ويدخل في هذا الشرك العام اليهود والنصارى ممن اتخذوا أشخاصا وعبدوهم وسموهم آلهة، ولذا جاء ذكر اليهود والنصارى وراء المشركين بنحلتهم في ادعاء النبوة لعزير، والمسيح، وأن قتالهم كقتال الشرك، واقتلاعه من الجزيرة العربية، حتى لَا يبقى فيها إلا عبادة الله سبحانه وتعالى، فتكون أرض التوحيد، كما كانت عندما بنى إبراهيم الكعبة، إذ كانت الوثنية تسيطر فيما حولها، وإبراهيم ينادي بالتوحيد في ربوعها.